التشريع الفرنسي المتعلق بالقضاء الإسلامي

Abstract

منذ أن وطأت قدم المستعمر الفرنسي الغاشم أرض الجزائر الأبية وهو يسعى جاهدا لبسط سياسته الوحشية فيها في شتى مجالات الحياة، فلم يسلم من همجيته العباد ولا البلاد، إذ أنه لم يحرق الشجر ولم يقتلع الحجر فحسب، بل عمل على قطع جذور الشعب الجزائري العريقة المتمثلة في هويته الدينية وثقافته العربية، فباعتبار الدين الإسلامي مرجعية الشعب الجزائري الذي يدستر حياته وينظم علاقات أفراده ببعضهم البعض، فقد سعى المستعمر الفرنسي اللئيم إلى محاربة هذه الأسس المتينة في المجتمع، فشن سياسته الدامية عليها، وشرع في التضييق على كل الممارسات المتعلقة بالعبادات والتعليم القرآني والاحتكام إلى شرع الله عز وجل، ولأن هذا الأخير أهم إجراء ساهم في تفكيك المجتمع الجزائري، وهدم العدل فيه، ونشر العداومة بين أفراده، وإضعاف الوازع الديني، فقد تفطنت الإدارة الاستعمارية إلى تغييب العدل في المجتمع، فاستهدفت القضاء الإسلامي، وأحلت قوانينها الفرنسية بدل قوانين الشرع معلنة توقف نفوذ القاضي المسلم ليصبح مجرد آلة في يد المستعمر يخدم سياسته بدل الانتصار للحق، وهذا ما أدى إلى انحصار القضاء في أفق ضيق. وقد تم اختيار هذا الموضوع بهدف الإجابة على الإشكالية التالية: ماهي أبرز التشريعات والقرارات التي سنتها الإدارة الفرنسية بشأن القضاء الإسلامي في الجزائر إبان فترة احتلالها؟ وماهو المتغير والثابت فيها؟ وسنتعرض من خلال هذه الورقة البحثية إلى الإجابة عن الإشكالية المذكورة مع بيان ما صاحب هذه التشريعات من شروط، كما سنتطرق إلى موظفي هذا المنصب، والشروط المتوجب توفرها فيهم، مع ذكر المستجدات والمتغيرات التي طرأت على القضاء الجزائري في شتى ربوع الجزائر