شعرية الخطاب في أدب السجون

Abstract

إن مصطلح الشعرية والخطاب من المصطلحات الكثيرة التشعب والتي حظيت بعدة دراسات كثرت حولها الآراء، ووجهات النظر وقد حقق كثيرا من الشعراء شعرية الخطاب في قصائدهم، من بينهم الشاعر "محمد العيد آل خليفة" السجين الذي كشف لنا عن عبقرية عجيبة في التكيف مع ظروف السجن القاسية، وقدرة خارقة على ترويض العقبات، فكان ذلك السجن هو منبع انبثاق قصائده الشعرية التي اعتمد فيها على بنية ايقاعية غنية ومتنوعة، كما اعتمد على التصوير الذي عبر لنا من خلاله عن انفعالاته وأفكاره، كما أن الصورة الشعرية التي اعتمد عليها الشاعر تكونت من واقع وخيال وأفكار وأحاسيس ولغة كلها وظفها ليبني عالمه الخاص وكذلك من أجل التأثير في المتلقي. كما أن الشاعر محمد العيد آل خليفة وظف التناص فتنوعت بذلك البنية الجمالية من مجرد تراكم إلى ثراء وغنى، كما أنه استطاع أن يجمع بين أرض الواقع وسماء الخيال فكان يتحاكى ويتشاكى مع الطائر "أبي بشير" والجبل "أبا المنقوش"، ويخيل إليه أنهما يردان عليه فهو من خلال هذا الجمع بين أرض الواقع وسماء الخيال أطلق صو ره بكل حرية وأضفى عمق دلالي واسع. الشاعر طور من البنية الايقاعية فلم يعتمد على الأوزان والقوافي فحسب، وإنما تخطاها إلى نم جديد من الإبداع الموسيقي من تصريع وترديد وترصيع هو بذلك أكسب سجنيتيه صدى يطرب له القارئ من جهة، و يعبر بها عن ذاته ويكشف عن مقاصده وميوله من جهة أخ رى. إن عبقرية الشاعر في التكيف مع غياهب السجن وقدرته على نظم قصائد وتوظيفه لبنية ايقاعية تلتها موسيقى داخلية عبرت عن مقاصده وميوله، حقق الشاعر من خلال هذا التوظيف شعرية الخطاب في سجنيتيه المس ومتين مناجاة بين "أسير وأبي بشير" و "أبا المنقوش".