Résumé:
الرّواية تشكيلٌ سرديٌّ للواقع المتكوِّن من الأحداث والشّخصيات والزّمان والمكان واللّغة، وهي تكتسب قيمتها وتميّزها عن باقي الأجناس الأدبيّة الأخرى؛ كالمسرح والشّعر والقصّة والأقصوصة... بوجود هذه العناصر السّرديّة؛ وبخاصّة اللّغة التي تعتبر الأداة الأساسيّة في تشكيلها الأدبي، والوجه المعبّر عن هويّتها و تجنيسها، فإن كانت اللّغة في الشّعر ترتبط بالوظيفة الشّعريّة، فإنّها في الرّواية تتحوّل إلى مؤسّسة اجتماعيّة تعبّر عن أفكار النّاس وهمومهم وأحلامهم واهتماماتهم الحياتيّة، وصراع الأفراد داخل هذا المجتمع، وما تشهده هذه اللّغة من تغيّر وتجدد جرّاء ذلك كلّه.
ولمّا كان الأسلوب جانبا مهما من بناء الرّواية وتشكيلها؛ كونه يضيء جوانب عديدة منها بدءا من الزّمن والمكان وصولا إلى الشّخصيات، وهي كلها ذات ارتباط وثيق بالإنسان فإنّها بذلك تحمل جينات الأسلوب بل إنّه الأسلوب نفسه كما يقول بيفون.
انطلاقا من هذا الطرح ارتأينا مكاشفة عنصر السّرد في الرّواية الجزائريّة المعاصرة إيمانا منّا برحابة الفضاء الأسلوبي عبر غنى الخطاب الرّوائي الجزائري بالعناصر السّرديّة. واخترنا رواية "دمية النّار" للرِّوائي الجزائري "بشير مفتي " موضوعا للدّراسة والتّقصي، فوجدناها زاخرة بعناصر سرديّة وظواهر أسلوبيّة لفتت الانتباه إليها واستدعت دراستها على هذا النّحو.
وعليه جاء عنوان أطروحتنا : أسلوبية السّرد في الرّواية الجزائريّة المعاصرة - رواية "دمية النّار" لبشير مفتي أنموذجاً- وقد عنينا في ذلك بأسرار البنيّة النّوعيّة للدّمية بتنوّع أساليب السّرد وسياقاته، ولاسيّما في عرضها لأحوال المجتمع الجزائري بجميع تكتّلاته في فترة حساسة من فترات تاريخه(العشريّة السّوداء)، ولأجل ذلك انطلقنا من الآليات المنهجيّة والإجراءات التّحليليّة التي اكتسبتها الأسلوبيات عبر تقاطعها مع السّرديات والميادين المعرفيّة والإنسانيّة التي ما فتئت تتخذ الخطاب الأدبي مادة طيّعة له من منظورات الزّمن والمكان والحدث والشّخصيات.