Résumé:
لقد بينت التجربة العملية أنه لا يمكن لكل دولة أن تنتج كل شيء وأن تنافس في كل شيء،
و يكمن الحل الأنجع في تخصص كل دولة من دول العالم في إنتاج سلعة أو مجموعة سلع لا يمكن
مجاراتها نظراً لامتلاكها ميزة نسبية أو تنافسية فيها، من خلال الاعتماد على العلاقات التعاونية
والأداء المشترك الذي يظهر أكثر عندما تعمل المشاريع الصغيرة و المتوسطة في أماكن متقاربة.
ومن هنا تتجلى أهمية التجمعات الصناعية التي تسمح بالاستفادة من عوامل التكتل التي يحققها
الموقع المشترك و وفرة العمالة و تقاسم التكنولوجيا.
لذلك لقي مفهوم المجمعات الصناعية قبولا واسعا لدى مهندسي السياسات التنموية في
مختلف دول العالم، نتيجة للقدرة المتناهية التي تتمتع بها في الرفع من مستوى النمو الاقتصادي
وتنافسية الاقتصاد ككل، وذلك في ظل قصور برامج التنمية التقليدية التي تبين ضعف مردودها
مقارنة بتكلفتها، وعجزها في أغلب الحالات عن تحقيق تنويع في قاعدة الإنتاج لكل الصناعات في
وقت واحد.
وقد تزايد الاهتمام العالمي بالتجمعات والمناطق الصناعية بعد بروز تجارب ناجحة في
فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الميلادي الماضي، وذلك بفضل ازدهار عدد من القطاعات
الصناعية التي تسودها الشركات الصغيرة، حيث تجمعت الشركات التي تعمل في المجال نفسه في
مواقع محددة، ومكنها هذا التجمع من اقتحام الأسواق العالمية وتحقيق الريادة في تلك الصناعة.
تأسيسا عما سبق، تعرج هذه الدراسة على ثلاثة تجارب دولية رائدة في مجال تجسيد
إستراتيجية المجمعات الصناعية على أرض الواقع والمتمثلة أساسا في تجربة بانجالور، تجربة
وادي سينوس و تجربة وادي السيليكون قصد استشفاف الدروس والعبر منها.