Résumé:
يعتبر الإمام أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي من أبرز علماء المغرب الأوسط وفقهائهم في أواخر العهد الزياني حيث نشأ في تلمسان وأخذ العلم عن جماعة من أعلامها كأبي الفضل قاسم بن سعيد العقباني وولده القاضي أبي سالم إبراهيم وحفيده القاضي محمد بن أحمد بن قاسم والقاضي الفقيه يحيى المازوني صاحب كتاب الدرر المكنونة والشيخ محمد بن مرزوق الكفيف وغيرهم.
تعرض أحمد الونشريسي إلى فتنة بسبب آرائه الجريئة في قول الحق وعدم خشيته في الله لومة لائم مما جلب عليه نقمة السلطان أبي ثابت الزياني الذي أمر بنهب داره مما اضطره إلى الفرار والهجرة إلى مدينة فاس سنة 874هـ/ 1469م حيث استوطنها واستقر بها حتى وفاته وبها أخذ عن شيوخها وحظي بالحفاوة وحسن الاستقبال وفسح المجال أمامه لتدريس الفقه وساعده في ذلك فصاحة لسانه وجريان قلمه وتخرج على يديه ثلة من الفقهاء النجباء في المغرب الأقصى وبخاصة ولده عبد الواحد الونشريسي(ت955هـ/1548م).
لقد كان أحمد الونشريسي بحق خير سفير للمغرب الأوسط في مدينة فاس والمغرب الأقصى نظرا لإسهاماته العلمية الغزيرة بالتدريس والتأليف وبخاصة في المجال الفقهي وأشهر مؤلفاته كتاب "المعيار المعرب عن فتاوى علماء افريقية والأندلس والمغرب" وغيرها من المؤلفات الأخرى التي تدل على عمق اطلاعه وإلمامه بمذهب الإمام مالك وثقافته الموسوعية التي مكنته من حفظ كثير من التراث الفقهي للغرب الإسلامي في فترة زمنية خطيرة واستفادته من كتاب الدرر المكنونة لشيخه يحيى المازوني.