Résumé:
بتطور الدراسات واتساع مجالات اهتمام الباحثين وفق مدارس واتجاهات وأطر نظرية معينة، شكل تزايد الاضطرابات النفسية والمرضية حقلا متعدد الأبحاث لظهور عدة محاولات لتشخيصها، لتبرز عنها عدة نماذج أهمها الدليل الاحصائي للاضظرابات النفسية والعقلية (DSM) الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي.
وبالنظر إلى جملة التعديلات التي مست نسخات طبعاته الخمس (1952-2013) والتي أسست لوجود مجموعة من التناذرات المرضية والتعديل في معايير تصنيف أخرى، أو ضم مجموعة منها ضمن إضطراب شامل وكلي، بما يشير إلى وجود اختلالات على مستوى تطبيق الممارسات المهنية المتعلقة بالصحة العقلية، بما يدعوا للتساؤل حول طبيعة ارتباط التشخيص الدقيق بالمشاكل التي يعاني منها الأفراد على اعتبار أن كل حالة مرضية تمثل دراسة لحالة متفردة في حد ذاتها؟
ولأجل ذلك يجب أن تكون التشخيصات التي يقدمها الأخصائيون صحيحة وموثوقة، بحيث تمكننا من اتخاذ إجراءات مناسبة وذات فاعلية، فما هو نوع التشخيص الذي يجب أن يرشدنا إلى المزيد من العمل؟ وما المعايير التي يجب أخذها في الاعتبار عند تقييم قيمة وتأثير التشخيص لدينا؟
وبالرغم من التحديثات التي جاءت بها الدليل التشخيصي الخامس (DSM-5)، فإنه بالنسبة للكثير من الأكاديميين والأطباء أنه لا يتمتع بمصداقية كبيرة، ذلك أنه يتضمن مبادئ تستند إلى التركيز على تعزيز التواصل ليغفل جوانب موضوعية في التصنيف لاضطرابات تحمل تفسيرات خاطئة، فهل تم تصنيف الاضطرابات على أساس تطور الحالات اكلينيكيا أم بالمقاربة مع آراء وقناعات بعض الباحثين الذاتية؟
لذلك لابد من عمل تقييم موضوعي للدليل، خصوصا من الناحية التأصيلية النظرية فيما يتعلق بالحالة العملية للطب النفسي وعلم النفس الاكلينيكي.
وسنحاول من خلال ورقتنا العلمية هذه الإجابة على الأسئلة السابقة بما يتوفر من أدبيات حول الموضوع، لكن قبل ذلك سنعمل على مناقشة مدى صلاحية وموثوقية الدليل التشخيصي DSM-5، في تبيان إشكالية تبويب الأمراض، وهذا من خلال نقد القيود المتأصلة في التشخيص التصنيفي، والتعرض لإعدادات الحالة الاكلينيكية التي من شأنها أن تؤدي إلى اتباع منهج أكثر موثوقية ومعيارية لتحديد مشكلات الصحة العقلية.