Résumé:
يستخدم الأطباء والأخصائيون النفسانيون أكثر من دليل لتصنيف الأمراض النفسية و العقلية لتحديد الحالات المرضية (CIM,DSM, CFTM.....الخ)، و يبدو عمليا أن أهداف هذه التصنيفات هو التشخيص و العلاج من أجل التوصل إلى إعادة الإدماج النفس-اجتماعي للمريض، إلا أن هذه التصنيفات قد بنيت في سياقات ثقافية و اجتماعية خاصة، غربية بالتحديد. لقد أصبحت هذه التصنيفات تثير الكثير من الجدل في السنوات الأخيرة، و خاصة الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (الأمريكي) في نسخته الأخيرة DSM-V ، وهو الدليل الأكثر استخداما من طرف المختصين في جميع أنحاء العالم، كما أنها لم تعد تحقق الإجماع عند مختلف المختصين، وتثير العديد من الانتقادات .(Romdhane &Ridha, 2018)فمن جهة يعاب على هذه التصنيفات، أنها تجعل من سلوكياتنا اليومية العادية، اضطرابات عقلية و سلوكية، ما قد يسبب الوصم و الإقصاء، ومن جهة أخرى، يذهب البعض إلى أن مخططات هذه التصنيفات قد لا تنطبق على جميع الثقافات، إذ تهيمن عليها المقاربة الأمريكية، مما يعني أنه قد يتم إهمال اضطرابات خاصة أو مفاهيم المرض المختلفة في السياقات الثقافية و الاجتماعية الأخرى .(Adam, 2012)
من هذا المنظور،لا تزال هناك العديد من الأسئلة المفتوحة حول العلاقة بين فئات التشخيص الغربية وغير الغربية والعوامل الاجتماعية والثقافية ، والتي يتم تناولها من خلال اتجاهات مختلفة ، وهي تحمل في طياتها عدة قضايا و مسائل خلافية ، لم يفصل فيها بعد. وعليه تهدف هذه الورقة الى تسليط الضوء على مختلف الرهانات وراء تصنيف الأمراض النفسية و العقلية المعتمدة و تحليل أبعادها الثقافية و الاجتماعية في السياق المحلي وذلك من خلال التساؤلات الآتية:
-هل يمكن اعتبار هذه التصنيفات لوحدها كافية للوصول إلى تشخيص موضوعي للأمراض، دون الأخذ بعين الاعتبار الجانب و البعد الثقافي-الاجتماعي؟
-إذا كانت هذه التصنيفات تعتمد و ترتكز أساسا على البعد النفسي الفردي، فما هي مكانة الجانب أو البعد الاجتماعي (الجماعي ، الأسري ، المؤسساتي...) في عملية التصنيف؟