Résumé:
مر المجتمع الجزائري منذ الوهلة الأولى للاستقلال بتحولات كبيرة في إطار ما شهده السياق الاجتماعي العالمي من تغيرات في المشهدين المادي والفكري ومن حيث التقارب الثقافي سواء في أبعاده العالمية أو المحلية، ما طرح نمط جديد من التحديات والفرص أمام المجتمع، غير أن الوضع اتخذ مجرى آخر مقتربا إلى حالة الصراع الإيديولوجي الذي خلف جملة من الاختلالات والتناقضات على جميع الأصعدة بسبب المرجعيات الفكرية والمنهجية المتبعة في بناء المجتمع، ما أدى إلى غياب الاستقرار الاجتماعي الذي اتخذ في طبيعته شكل التصالح مع الذات في بعض الأحيان والتعثر في الكثير من الحالات في طريقه لخوض معركة التكامل والتفاعل الحضاري سعيا منه لتحقيق ضرورة الفعالية الحضارية، التي أعاد وضع العالم صياغتها في ظل الحراك العالمي نحو العولمة، فتتشكل في ظلها البيئة الاجتماعية والتربوية لتمهد إلى دخول مرحلة جديدة من التحولات ذات الطابع الفكري والروحي لتأسس لجملة الإدراكات التي تحتاج إلى تبرير للمفاهيم الشائعة ثم العمل على تخريبها حتى تكون القاعدة في إنتاج منهج سلوكي جديد ذو طبيعة فكرية ومعرفية عميقة يدفع من خلالها المجتمع حركة التنمية نحو التجديد والبناء الاجتماعي.
وفي هذا الإطار الذي تميز إلى حد ما بالتناقضات على مستوى المرجعيات التي ساهمت أثناء تفاعلها بتحديد معالم المنظومة التربوية والتعليمية، التي يستمد منها الأداء التربوي والتعليمي للأستاذ فعاليته خاصة في إعادة تغيير الاتجاهات والأفكار الموجهة للأجيال وفي تغيير زاوية الرؤية إلى المجتمع والتربية في حد ذاتها من أجل تحقيق التنمية العامة بدخول المجتمع العالمي مرحلة تاريخية جديدة تختلف فيها التحديات والآفاق عن سابقتها، حيث يفتح الوضع المجتمع على حدود جديدة من الترابط والتقارب بين الثقافات كما سمحت بتشكل بيئة اجتماعية مختلفة مهدت لميلاد مستويات جديدة من التوترات والتعقيد والتعصب، أضفت نمط آخر من المنافسة في طرق الحياة، إن هذا الطرح يهدف إلى حد بعيد إلى تحديد أهمية موضوع التربية والتعليم فلكل منظومة تربوية هويتها الفكرية والحضارية عندما تصيغ معادلتها الاجتماعية التي تعكس إلى حد كبير قدرة المجتمع على الحراك نحو تحقيق كيانه الحضاري.
كما تكتسي دراسة أداء الأستاذ أهمية بالغة من النواحي العلمية والعملية كونه يرتبط بشكل مباشر بمستويات بناء شخصية الفرد وبناء مقومات المجتمع في الأبعاد المعرفية وعليه تكمن أهمية هذه الدراسة في إعادة إدراج أداء الأساتذة في سياقات جديدة تتخذ منه أهم محور في بناء الفرد والمجتمع.
وعليه تتحدد عملية التغير الاجتماعي في إيقاعها ومقصدها ومضامينها وتوجهاتها بما لدى الإنسان والمجتمع والحضارات من قدرة على العمل المنتج خاصة الفعل التربوي، وكل ما يوجه الإطار العام للسلوك من قيم وما يحدد من أهداف وغايات، كما أن التحديات التي تواجهه تكتسب طابعا أكثر عمقا وقسوة خاصة وأن مظاهر التحول والتبديل عملية شاملة تطال مختلف جوانب البناء الاجتماعي والفكري والسلوكي هذا ما زاد في ضرورة الطرح العلمي لموضوع الأداء التربوي والتعليمي للأستاذ خاصة وأن عملية التنمية التي تصبو إليها الدولة الجزائري لن تصل إلى غاياتها دون فهم معمق للأسباب التي تتحكم وتؤثر على أداء الأستاذ ومدى فعاليته في تنمية الأجيال والارتقاء بالمجتمع.
وانطلاقا مما سبق تهدف دراستنا إلى الوقوف على الانعكاسات التي أحدثتها التغيرات الاجتماعية الاقتصادية على أداء الأستاذ وعلى فعاليته في تنمية الأجيال.
وقد توصلنا في دراستنا إلى النتائج التالية:
- توصلت الدراسة إلى أن أداء الأستاذ في حركة مستمرة يتغير وفق ديناميكية المجتمع نحو التقدم.
- كما توصلت إلى أن الأداء يتأثر بكل التغيرات التي تحدث على مستوى البيئة الاجتماعية.
- توصلت الدراسة إلى أن أداء الأستاذ يتغير بتغير الأبعاد التقنية والتكنولوجية التي تتحكم في مدى قدرته على مواجهة التحديات المفروضة.
- توصلت الدراسة إلى أن أداء الأستاذ يتأثر بكل الظروف التي ينشأ ضمنها في إطار البيئة الاجتماعية الاقتصادية السياسية.
- كما توصلت الدراسة إلى أن أداء الأستاذ يتأثر بمختلف التغيرات سواء على الصعيد العالمي أو الصعيد المحلي وعليه تبقى فعالية أداء الأستاذ مرهونة بمدى مرونته وحركته في اتجاه مواكبة التغيرات الاجتماعية الاقتصادية والتغيرات المعرفية والتكنولوجية سواء على الصعيد المحلي أو العالمي.
- كما توصلت الدراسة إلى أن أداء الأستاذ يتأثر بالسلب أو الإيجاب نتيجة ما تفرضه الظروف الاجتماعية والاقتصادية من انعكاسات وبذلك يعتبر أداء الأستاذ أحد أهم المقومات التي ينطلق منها بناء المجتمع والفرد وبذلك فهو معرض لمختلف التأثيرات والتحديات.