Résumé:
تتناول هذه الدّراسة الموسومة بـ " ملامح التّفكير اللّساني التّداولي في التّراث العربي من خلال مؤلّف الرّوض المريع في صناعة البديع لابن البنّاء المرّاكشي" أهمّ التّجلّيات اللّسانية التّداولية في المدوّنة البلاغية، من خلال تعرّض المرّاكشي في مؤلّفه لجملة من القضايا اللّغوية والّتي تنطوي على رؤى لسانية حديثة تعكس لنا عمق ثقافته ووعيه الفكري واتّساع معارفه واستقلالية منهجه الّذي تميّزه دقّة المصطلح وعلميته. وقد افتتحنا الدّراسة بمدخل وضّحنا فيه أهمّ نقاط الاشتراك بين البلاغة العربية والتّداولية الغربية، ثمّ تلاه فصل أوّل وضّحنا فيها التّميّز الفكري لابن البنّاء من خلال بحث جملة من المفاهيم البلاغية الّتي عكست لنا عمق رؤيته اللّسانية والّتي سجّلت في الكثير من المواطن الأسبقية في التّناول، ويعقب هذا الفصل فصل ثان عالجنا فيه عددا من الأقسام الدّلالية والّتي تتباين بتباين أوجه الارتباط بين اللّفظ والمعنى وسياقات التّأليف ومواقف الاستخدام، وإلى جملة من الأساليب الخطابية الّتي ينحوها المتكلّم ليوجّه كلامه ونواياه نحو المقصد الّذي يرومه من الخطاب، وقد بيّنّا في الآن ذاته الأثر الانفعالي التّداولي لعدد من الأساليب والصّور البلاغية المعتمدة على مبدأ التّحوّل والانتقال من حال إلى حال لإنجاز أفعال معينة كالإقناع والإفهام والتّعبير عن مقاصد محدّدة ومنها؛ الاستعارة، والكناية، التّشبيه، والتّمثيل، ...إلخ وحاولنا في كلّ ذلك إيضاح علاقة الأثر الانفعالي والحجاجي لمختلف تلك الصّور الخطابية بالمتلقّي، وكذا علاقتها بمقاصد الخطاب، والأسباب الّتي تفرض على المتكلّم تنويعها .
ومن ثمّ فالكلام بحسب مفهوم ابن البنّاء لا يشتمل على مضامين فحسب، بل هو كلام مؤسّس على المقاصد وهذا ما يجعل منه " فعل داخل مجريات فعلية" وهذا ما يحتّم تجاوز النّظر إلى نصوص الخطاب على أنّها مجرّد دلالات ومضامين إلى أكثر من ذلك، إذ يجب النّظر إليها على أنّها نشاط لغوي يحاول إنجاز جملة من الأفعال والسّلوكات المتضمّنة في الآن ذاته لكلّ تلك الدّلالات والمضامين، الّتي لا يمكن احتجازها في النّطاق المعجمي فقط، بل هي دلالات ومحتويات متباينة بتباين العلاقات بين المستخدمين.