القضاء الشرعيّ الإباضيّ بوادي مزاب جنوب الجزائر 1883-1962

Abstract

إنَّ المحاكم الشَّرعيَّة التي شكَّلها المُحتل الفرنسيّ وفق نظامه القضائيّ تُعتبر جُزءا من تاريخ نظام القضاء في الجزائر، وهي متنوعة من حيث الاختصاص المذهبيّ حسب التََّّكيبة المذهبيَّة السائدة في المجتمع الجزائريّ، والقضاء الشرعيّ الإباضيّ بوادي مزاب جنوب الجزائر س يُخصّ بالدّراسة كعيّنة لهذه التَّكّيبة المذهبيَّة. بعد الإعلان الرَّسميّ عن إلحاق وادي مزاب بفرنسا سنة: 2881 م رأى المُحتل الفرنسيّ أنَّ من أولويات مهامه الاستعماريَّة نزع سُلطة القضاء من يد حلقة العزَّابة؛ حتََّّ يسهل عليه التحكّم في المجتمع المزابيّ وفهم تركبته؛ إذ ترجم هذه النية في قرار صادر بتاريخ: 70 نوفمبر 2881 م، والذي نصَّ على إنشاء في كلّ قرية من قرى وادي مزاب السبعة محكمة شرعيَّة إباضيَّة تتشكَّل من قاضٍ وعدلين، كمحاكم ابتدائيّة تستأنف أحكامها أمام مجلس الاستئناف عمّي سعيد بغرداية، الذي يتشكَّل من ثمانية أعضاء، أو محكمة الاستئناف الفرنسيَّة بالبليدة، ثم أتبع هذا الأمر بقرار 2 جانفي 2881 م المتضمِّن تعيين قُضاة المحاكم الشَّرعيَّة الإباضيَّة بوادي مزاب ونوابهم، وقرار 18 فيفري 2881 م المتضمِّن تعيين أعضاء مجلس الاستئناف بغرداية. ويختصُّ القضاء الشرعيّ الإباضي بوادي مزاب بالنَّظر في جميع المنازعات دون الجنايات، كما نصّت عليه المادَّة الخامسة من المرسوم 78 جانفي 2807 م المتعلِّق بتنظيم عدالة المسلمين في الأقاليم الجزائريَّة، ما عدا التَّل والقبائل، حيث يعتمد القضاة في إصدار أحكامهم على مصادر متعدّدة منها: كتب الفقه الإباضيّ ، والأعراف السائدة في المجتمع، ا ولمرسوم 78 جانفي 2807 م الخاصّ بتنظيم إجراءات التقاضي الصادر من قبل العدالة الفرنسية، وكلّ هذه الأحكام يق يّدها كاتب القاضي في سجلّ خاصّ مؤشّر أعدّ ته الإدارة الفرنسيَّة مسبقا قصد الاطلاع على الأحكام ومراقبتها