Résumé:
يشهد عالم العمل اليوم تغيّرات كبيرة نتيجة التحوّلات الإجتماعية والإقتصادية، إضافة إلى تطوّر القوانين وإزدياد وعي العمال بحقوقهم. هذا جعل من الحوار الإجتماعي عنصرًا ضروريًا داخل المؤسسات، لأنه يساعد على تقوية العلاقة بين العمال والإدارة، ويضمن إستقرار المناخ الإجتماعي داخل المؤسسة. ومن بين أهم الجهات التي تساهم في هذا الحوار نجد مفتشية العمل، التي تلعب دورًا مهمًا في تنظيم العلاقات المهنية وضمان إحترام القوانين. فلقد أصبحت مفتشية العمل من بين الآليات الأساسية التي تعتمد عليها الدولة لضمان السّير الجيّد لعلاقات العمل، إذ تسهر على مراقبة مدى تطبيق تشريع العمل داخل المؤسسات، وتحاول التدخل عند ظهور النزاعات أو الخلافات بين أطراف العلاقة المهنية. ومن خلال المهام التي تقوم بها، تساهم المفتشية في ترقية الحوار الإجتماعي كوسيلة لحل المشاكل بطرق سلمية داخل المؤسسة.
تبرز أهمية هذا الموضوع خاصة في ظل التوترات الإجتماعية المتكرّرة داخل بعض المؤسسات، والتي كان من الممكن تجنّبها لو وُجد حوار إجتماعي فعّال. كما أن التشريعات الجزائرية خصّت مفتش العمل بصلاحيات واضحة للتدخل قصد التوفيق بين الأطراف، وتوجيههم نحو الحلول التوافقية دون اللجوء مباشرة إلى العدالة. لذلك فإن دراسة هذا الدور تعتبر مهمة جدًا لفهم كيف يمكن تحسين آليات التواصل داخل المؤسسات الجزائرية. حيث يهدف موضوع بحثنا إلى تسليط الضوء على المهام الفعلية التي تقوم بها مفتشية العمل في ترقية الحوار الإجتماعي، وتحديد طبيعة الإشكالات التي تعرقل هذا الدور.
إعتمدنا في دراستنا على المنهج الوصفي بإستخدامإستمارة بحثية طبقت على عينة مكونة من 15 موظف أو مفتش عمل.أظهرت نتائج دراستنا أن مفتشية العمل تؤدي دورًا هامًا في ترقية الحوار داخل المؤسسة، لكنها تواجه عدة عراقيل منها: نقص في عدد المفتشين، ضعف الصلاحيات القانونية، وأحيانًا عدم تعاون بعض أرباب العمل أو نقص وعيهم بأهمية الحوارو كذلك ضعف الوعي القانوني خاصة في المؤسسات الخاصة. كما أن بعض العمال لا يعرفون حقوقهم كاملة، مما يصعّب مهمة التوفيق.في الأخير، توصّلنا إلى أن ترقية الحوار الإجتماعي تحتاج إلى دعم أكبر لمفتشية العمل، من خلال: الزيادة في المفتشين الميدانين,تعزيز التكوين المستمر، نشر ثقافة الحوار داخل المؤسسات، وتعديلالقوانينالقديمة لجعلها أكثر ملاءمة مع العصر الحالي, كما أن إشراك مختلف الفاعلين (إدارة، نقابات، عمال، مفتشين) ضروري لإنجاح أي سياسة ترمي إلى تحسين العلاقات المهنية وبناء بيئة عمل مستقرة ومنتجة.