Résumé:
تتمتع قالمة بموقع استراتيجي جعلها تلعب دورا فعالا في استقطاب التمركز الحضاري منذ استقرار الإنسان الأول بها.
تواصل حضورقالمة في تاريخ المقاومة الشعبية منذ الدخول الفرنسي 1937 فمعركة مجاز عمار التي تكبد المستعمر خلالها خسائر كبيرة وسقطت المدينة في نفس السنة بعد مقاومة باسلة لسكانها، وقد عرفت المنطقة موجة هجرات، فأخذ عدد المعمرين يتزايد، فانتزعت الملكيات وسلبت الأراضي الخصبة وبدأت عملية تفكيك القبائل والعروش لتسهل عملية السيطرة، ليصبح الفرد القالمي يعيش وضع اقتصادي جد صعب، مما عزز ظهور حركة كره شديدة بين القالميين والأوربيين.
بدأت ملامح المعارضة السياسية في قالمة مع حركة النواب وحزب الشعب والحزب الشيوعي، وظهر مناضلون بارزون منهم عبد القادر هرقة، أحمد بن جلول وعمار بوجريدة والساسي بن حملة، فشاركوا في العمل السياسي خلال الحرب العالمية الثانية وكانوا شهود عيان على مجازر 8 ماي 1945 والتي تأكد من خلالها مبدأ " ما أخذ بالقوى لا يسترجع إلا بالقوة" وعليه انخرط أبناء قالمة في المنظمة السرية وشكلوا خلايا للتعبئة الشعبية استعدادا للعمل المسلح، مما عرضهم للاعتقال بعد اكتشاف المنظمة.
ورغم تأخر العمل الثوري الفعلي إلى غاية سبتمبر 1955 حيث شكلت مختلف الأفواج، وشاركت في هجومات 20 و21 أوت 1955، ومنها كان لقالمة دورا فعالا في تأجيج الكفاح المسلح وقد عرفت بعد مؤتمر الصومام 20 أوت 1956 تنظيما محكما وأصبح المجاهدون يكبدون العدو خسائر فادحة فمعركة أم النسور ورأس الماء وكذلك مرمورة التي أسقطت العقيد جون بيارسنة 1958 خير دليل على شراسة الثورة وقوتها في قالمة.
إن جبال قالمة، دباغ، هوارة، طلحة، ماونة، صفاحلي، لكرابيش، لقرين، كانت طريق لجلب السلاح باعتبارها قريبة من الحدود التونسية حيث عرف هذا الطريق بطريق السلسلة ومنه تصل الأسلحة لمختلف مناطق الشرق الجزائري.
تعرضت قالمة وسكانها لمختلف تقلبات السياسة الاستعمارية الجائرة، من إعلان حالة الطوارئ، إلى سياسة الأرض المحروقة، إلى سياسة المحتشدات سنة 1960،ومورس على سكانها مختلف أشكال الحرب النفسيةمن تعذيب تنكيل، ونفي وتشريد وتجويع، إلا أنهم التفوا حول ثورتهم وقدموا الغالي والنفيس ولم يستسلموا حتى النصر أو الشهادة فمنهم من قضى نحبة ومنهم من ينتظر، وقائمة الشهداء الطويلة خير دليل على تضحيات قالمة الصغيرة جغرافيا الكبيرة تاريخا.