Résumé:
يسعى هذا العمل البحثي الذي تناول أربع دراسات حالة مقسمة إلى عينتين من حيثاستمرارأوتوقف العنف بعد توقيع اتفاقات السلام، إلى تحديد طبيعة الفواعل المنخرطة في تحويل النزاعات الداخلية في إفريقيا، والقطاعات التي جعلت منها أولوية في تدخلاتها، بالإضافة إلى كيفية تأثير ذلك على استمرار النزاع أو انتهائه.
تناول البحث في عينة استمرار النزاع حالتي النزاع الداخلي في ليبيا وجنوب السودان، وهما حالتان استمر فيهما تسجيل العنف، متجاوزًا العتبة المحددة بعد توقيع اتفاق السلام بين الأطراف المتحاربة. كان القاسم المشترك بين الحالتين ضعف معالجة القضايا الأمنية قبل الشروع في المسارات السياسية في عام 2015. ففي ليبيا، كان الاهتمام بالقضايا الأمنية شبه منعدم لدى الجهات الفاعلة المنخرطة في تحويل النزاع، وهما الأمم المتحدة عبر بعثتها للدعم في ليبيا (UNSMIL) والإتحاد الأوروبي (EU)، بينما لم تكن جهود الأمم المتحدة عبر بعثتها في جنوب السودان (UNMISS) استراتيجية فاعلة بشكل يضمن تحقيق الاستقرار الأمني.
في عينة انتهاء النزاع التي تناولت حالتي سيراليون وبوروندي، واللتين انتهى فيهما النزاع، كان القطاع الأمني ذا أولوية في جهود تحويل النزاع في البلدين، مما أفضى إلى نزع سلاح وتسريح المقاتلين السابقين وإعادة إدماجهم في الهياكل الأمنية المستحدثة. ففي سيراليون، عملت المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عبر آليتها للتدخل (ECOMOG)، ومن بعدها بعثة الأمم المتحدة في سيراليون (UNAMSIL)، على نزع سلاح جميع المقاتلين السابقين قبل الشروع في المسار الانتخابي لتشكيل السلطة الجديدة بعد النزاع. والأمر ذاته بالنسبة للنزاع في بوروندي، فقد عملت جهود البعثة الإفريقية في بوروندي (AMIB)، ومن بعدها بعثة الأمم المتحدة في بوروندي (UNMIB)، على فرض نزع سلاح وتسريح جميع مقاتلي الأطراف المسلحة لتمهيد تحويلهم إلى جماعات سياسية حزبية قبل الشروع في المسار الانتخابي.
خلصت الدراسة إلى أن جهود تحويل النزاع في عينتي الاستمرار كانت بعيدة عن معالجة القضايا المرتبطة بالقطاع الأمني، رغم التباين الكبير بين بعثتي الأمم المتحدة في جنوب السودان وليبيا من حيث الولاية والتجهيز والموارد المسخرة. إلا أنهما تشتركان في نفس المخرجات التي تتمثل في فشل تحقيق الاستقرار الأمني الذي يمهد للشروع في توحيد السلطة المجزأة في كلا الدولتين عبر مسار سياسي. وعلى عكس حالتي استمرار النزاع، أظهرت حالتا سيراليون وبوروندي أن التركيز على القطاع الأمني عبر برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة إدماج المقاتلين في المؤسسات الناشئة بعد النزاع بطريقة ممنهجة، أو دعمهم للاندماج في الحياة السياسية أو الاقتصادية، كان عاملاً حاسمًا في نجاح جهود تحويل النزاع في الحالتين.