Résumé:
لقد أدّى دخول التكنولوجيا إلى العالم إلى توليد سيل من المعلومات المتدفقة والخارجة عن السيطرة. فأصبح من الصعب على الوسائط الورقية أن تستوعب هذه الكمية الهائلة من المعلومات. ومن هنا، تم ابتكار وسائط إلكترونية ورقمية جديدة تختلف كليًّا عن الوسيط الكلاسيكي. وقد سهّل الإنترنت، الذي وُلد من رحم التقدم التكنولوجي، عملية إنتاج المعلومات ونشرها في وقت قياسي، دون أن تشكل الحدود الجغرافية أو الزمنية عائقًا أمام من يسعى إلى الوصول إليها. ومما لا شك فيه أن هذه المزايا التي وفّرها الإنترنت دفعت العديد من المتخصصين في المجال التكنولوجي إلى ابتكار تطبيقات وبرامج تهدف إلى جذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين وجذب انتباههم. وهكذا ظهرت منصات التواصل الاجتماعي، بعد انتشار الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب المحمولة، التي أصبح استخدامها شائعًا على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم.
وأصبح تدفّق المعلومات اليوم يتم بسرعة إلى أيدي المستخدمين بمجرد اتصالهم بالشبكة. كما أن الخصائص المتعددة الجذابة شجّعت الأفراد على الانخراط في هذه العوالم الرقمية، التي أشبعت فضولهم، وجذبت أنظارهم، وأثارت أسماعهم، وسهّلت عملية التواصل والتفاعل مع الآخرين، حتى وإن كانوا في أقاصي الأرض. فبدا العالم وكأنه أصبح قرية صغيرة، لأن الاتصال بينهم بات يتم من خلال فضاءات افتراضية تجمعهم. ومن هنا، ظهرت مضامين ومنشورات متنوعة، حسب التخصصات والاتجاهات الفكرية، ومن بينها الأدب، على سبيل المثال.
لقد كان من الصعب على الأدب أن يندمج في هذه العوالم الرقمية التي تختلف في طبيعتها، غير أن التكنولوجيا لم تترك مجالًا للرفض، لا سيما أن كل ما قدمته أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. وبما أن الأدب هو مرآة المجتمع، فقد أصبح من الضروري أن ينخرط في هذه العوالم ويستفيد من المزايا التي توفرها لمواكبة روح العصر، منفتحًا بذلك على التجريب. وقد جذبت التطبيقات الذكية اهتمام المبدعين، لا سيما الشعراء، الذين وجدوا فيها فرصة لنشر قصائدهم التي غالبًا ما تتجاهلها دور النشر، التي تفضّل أنواعًا أدبية أخرى.
اليوم، أصبح الشاعر حرًا في أن يكتب في الجنس الأدبي الذي يريده. وعند تصفح هذه الفضاءات، نلاحظ أن الشعر يحظى بحضور كبير على المنصات، وخصوصًا على فيسبوك، حيث تظهر العديد من المنشورات الإبداعية الجزائرية. وقد سعى بعض الشعراء إلى استغلال التكامل بين العناصر اللغوية وغير اللغوية، فلم يقتصروا على الكتابة فقط في عملية الإبداع، بل دمجوا في أعمالهم عناصر بصرية وأصواتًا ونغمات موسيقية. واختار آخرون استخدام المؤثرات الصوتية فقط كعنصر مكمّل للغة. ولا شك أن هذه العناصر تلعب دورًا حاسمًا في نقل المعنى. فالمعنى لا يمكن أن يُنقل إلى المتلقي من خلال عنصر واحد، بل يتكوّن من خلال تفسير وتحليل جميع العناصر مجتمعة. واليوم، يتفاعل القارئ الافتراضي مع جميع الإبداعات المنشورة، مستعينًا برموز لغوية وغير لغوية مثل “أعجبني”، والتعليقات، والمشاركات