Résumé:
يتميز إقليم الجنوب الشرقي الجزائري بموقع استراتيجي هام الذي جعل منه عرضة و مطمعا للاستعمار الفرنسي للزحف من خلاله الى بقية الصحراء الجزائرية ، لم يكن هذا هو السبب الوحيد الذي جعل الإدارة الفرنسية توجه أنظارها نحوه إنما تنوعت و اختلفت أسبابها و دوافعها لاحتلال هذه المنطقة من أسباب اقتصادية و التي تعبر أبرز هذه الأسباب الى أسباب عسكرية و كذلك أسباب سياسية ، و قد لعبت البعثات الاستكشافية التي قام بها الفرنسيون في الصحراء الشرقية دورا كبير في تسهيل عملية الاستلاء عليها حيث كانت في ظاهرها ذات طابع تجاري لكن الهدف منها هو التعرف على خبايا المنطقة نظرا لجهلهم لواقعها الطبيعي و السياسي ، كانت بسكرة عروس الزيبان هي أول منطقة من الجنوب الشرقي تقع في أيدي المحتل الفرنسي و ذلك سنة 1844م و تبعتها الأغواط في 04 ديسمبر1852م ثم بدأوا بالتوسع تدريجيا الى باقي المناطق فكانت منطقة ورقلة محطتهم التالية سنة 1854م وصولا إلى وادي سوف في نفس السنة .
و لتثبيت دعائمها بالجنوب الشرقي الجزائري وضعت مخطط يحتوي على جملة من السياسات و الأساليب اختلفت في مضمونها لكنها كلها تخدم هدف واحد و هو السيطرة الكلية على المنطقة و تمثلت هذه السياسات في : السياسة الاجتماعية التي حاولت من خلالها الإدارة الاستعمارية ضرب مجتمع الجنوب الشرقي في أعماقه وزرع الشقاق و العداء بين أبناء البلد الواحد ، السياسة الاقتصادية التي حاولوا من خلالها إفقار الأهالي عن طريق القوانين الاقتصادية التعسفية ضدهم، و استغلال ثروات المنطقة لصالح فرنسا على حساب الأهالي ، أما فيما يخص السياسة العسكرية فقد أنشأت القواعد و الأبراج و المحميات بالإضافة الى انشاء مصلحة للسيارات العسكرية و كذا مصلحة للطيران الفرنسي ، في الجانب الديني عملت بشتى الطرق لنشر المسيحية و طمس الهوية الإسلامية من المنطقة و حتى التعليم كان يقتصر على التعليم الفرنسي فقط ليس لخدمة للأهالي بل كانت تجهز طلاب مدارسها من أجل خدمة مصالحها في المستقبل، أما عن ردود الفعل المحلية فكانت تتمثل في المقاومات الشعبية التي كان من أبرزها: مقاومة الشريف محمد بن عبد الله ومقاومة ابن ناصر بن شهرة و أخيرا ثورة الشريف بوشوشة.