Résumé:
تناول البحث نتاج الشاعر العربي بديع الزمان الهمذاني، وهو عبارة عن قراءة في التشكيل اللسانيّ في شعره، ويتضمن التشكيل الصوتيّ، والبنويّ، والمعنويّ، والجماليّ، من خلال تصرّف الشاعر في القوانين اللّغوية التي تتدخّل في تشكيل بنية الخطاب ومعطياته الصوتيّة والبنائيّة والدّلاليّة والجماليّة، في سياق بلاغي هو من منظور اللغة انزياح، وانحراف عمّا هو مألوف.
والهدف من هذه الدّراسة هو دحض الاعتقاد بأنّ بديع الزّمان الهمذاني ليس صاحب المقامات فحسب، بل هو شاعر وله ديوان شعر، وأنّ شعرهجدير بالدّراسة لأنّه يمثّل النموذج الأمثل في الإيقاع باعتبار الإيقاع أكثر ما يتّصل بالقصائد العمودية، لهذا عني البحث بدور الإيقاع في بناء القصيدة الهمذانية، كما تهدف الدّراسة إلى إبراز التّشكيل بأنواعه الصوتيّ، والبنويّ والمعنويّ، والجماليّ، وماتصنعه أدوات الربط من تواشج وترابط البنى الصغرى مع البنى الأكثر منها تركيبا.
أمّا المنهج المتبع فهو المنهج الوصفي الذي يستفيد من مقولات اللسانيات الوصفية التي تهتم بوصف العلائق، والروابط الداخلية والخارجية للأبنية ليفتح النّص على المجالات الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية.
أما النتائج المتوصّل إليها فتتلخّص في مايلي:
على مستوى التشكيل الدّاخلي كان الشاعر حريصا على انتقاء الأصوات المفردة في تفاعلها مع عناصر الموسيقى الخارجية، فالصوت المفرد عند الشاعر يخدم الإيقاع العام داخل القصائد،كمالاحظنا حضورا لافتا للانتباه للأصوات المجتمعة التي انبثق منها الجناس، وهو الأسلوب الذي تتنوّع فيه المقاطع وتتقاطع الدوال، حيث ينحو الخطاب من خلاله إلى التّأثير في المتلقّي بفعل النّغم الناتج عنه، كما عمل الترصيع على إثراء التعبير بالنغمات الموسيقيّة التي تعمل على جذب المتلقّي.
أما على مستوى التشكيل الخارجي فأعتقد أنّ الهمذاني كان عن وعي واختيار للبحور لا مجرّد تقليد، وأنّه متمكّن من ناصية العروض؛ حيث استطاع ترويض البحور فوظّف ثلاثة عشر بحرا ولم يوظف بحر المديد والمضارع والمتدارك، والتزم بما تقتضيه الأصول الفنيّة والبيئة العروضية في زمنه وعيا منه بدور الوزن في الوظيفة الشعريّة. أما على مستوى القوافي فقد أحدث الشاعر انسجاما مميزا بين الرويّ وبقية حروف القافية، وتمكّن من إقامة التفاعل الموسيقيّ بين إيقاع الحشو والقافية، وهذا يدلّ على وعيه في انتقاء المقطع الأخير في بناء القصيدة، وسلمت القوافي من العيوب وهذا يدلّ على براعة الشاعر اللغويّة.
وعلى مستوى التشكيل البنوي والمعنوي وجدنا أنّ القصائد كانت محكمة تمام الإحكام وذلك لتوظيفه أدوات الربط المختلفة، وكان للتوازي الدور المنوط في الجانب الزخرفي للشعر، أما على المستوى المعنوي فقد تحقّق التماسك بين أجزاء الخطاب بتوظيفه للتناص، والحقول الدلاليّة وكان للسياق دور هام في إبراز الدلالة.
وعلى مستوى التشكيل الجمالي وجدنا أنّ النصوص الشعرية كانت ثرية بالاستعارات التي جسّدت المحسوس إلى ملموس والتشبيهات التي فاقت التوقّع، كما كان للتنسيق والتكامل الدّور الفعّال على كامل المستويات، فكانت النصوص ثرية وحافلة بوسائل الربط المتنوعة متلاحمة، التيعملت على تماسك بنية الخطاب،ممّاأكسبته معيار النصيّة.