Résumé:
تناولت هذه الدراسة نظرية السياق في مفهوم بعض اللسانيين العرب والغرب الذين آمنوا بفكرة السياق ودوره الفعال بآلية من آليات حيازة المعنى وتقويم الدلالة، وشرط أساسي في فهم الخطاب ويمثل السياق اللغوي أول شقي النظرية السياقية، أما النوع الآخر هو السياق غير اللغوي، كما حدد ذلك اللغوي الإنجليزي ومؤسس هذا الاتجاه "جون فيرث" وتسليط الضوء على جهود العرب في وضع جملة من القوانين الهامة المتعلقة بالنظرية السياقية، ويهدف هذا البحث إلى تجلية معالم هذه النظرية وحدود انتشارها مع التركيز على الجانب الذي يتوافق وعنوان الدراسة، إضافة إلى محاولة رصد وتبيين ما آلت إليه على أيدي متبنيها ومؤيديها فيما بعد.
وقد بذل البحث من الأدلة القاطعة بما لا يدع مجالا للشك، ما يثبت أن علماء العرب القدامى قد احتكموا إلى السياق الثقافي والاجتماعي، من منطلق إيمانهم باجتماعية اللغة، في تعيين الحدث اللغوي، وتحديد المعاني وبيان الدلالات المناسبة لكل مقام، من ذلك احتكامهم للظروف المحيطة والعلاقات الاجتماعية، علاوة على العادات والتقاليد والمعتقدات وغيرها مما يمكن أن ينضوي تحت ما يعرف بالسياق الثقافي.
ويمكن القول بأن الحقائق العلمية التي أقرها علماء اللغة والبلاغة العرب بهذا الصدد، ولاسيما ما يتصل منها بالطبيعة الاجتماعية للغة، وموضوع مناسبة اللغة للمقام من حيث تشكلها أو تحليلها، تكشف بالأدلة القاطعة التي لا تثير شكا ولا تقبل نقضا، تفوقهم على غيرهم وحيازتهم قصب السبق في مجال بحث المعنى والدلالة، بحثا علميا تطبيقيا، الأمر الذي لم تعرفه الدراسات اللغوية الاجتماعية المعاصرة إلا حديثا.
وقد حمل البحث في طياته ردودا على الذين اتهموا العلماء القدامى، بإغفال الجانب الهام في أبحاثهم، وأنهم أهملوا الاعتماد على السياق الثقافي في تحليلاتهم.