Résumé:
تعتبر الأزمات الدولية من أهم الظواهر في العلاقات الدولية، ذلك أنها تؤثر تأثيرا مباشرا على النظام الدولي، وأنساقه الفرعية، ومخرجاته القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي بصفة عامة، والأمم المتحدة بصفة خاصة، إيلاء أهمية قصوى لإدارة الأزمات الدولية، على نحو يؤدي إلى تحقيق ما يصبو إليه المجتمع الدولي من أمن وسلام مستدام، بعيدا عن العنف والحروب والنزاعات، ذلك أن إدارة الأزمات الدولية تتطلب توحيد وتضافر الجهود الدولية والأممية، بما يتلاءم مع قواعد القانون الدولي العام، وبما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة، ووفقا للشرعية الدولية، حيث سعت الأمم المتحدة في إدارة الأزمات الدولية إلى تبني مقاربات واستخدام آليات وانتهاج أساليب واستراتيجيات معينة.
وذلك حتى تتمكن من الحد أو التخفيف من تلك الأزمات الدولية، أو إيجاد مخارج عملية لها، لاسيما في ظل المتغيرات التي شهدتها الساحة الدولية بعد نهاية الحرب الباردة، لاسيما مع بروز مسائل وقضايا عالمية جديدة، وإفرازات العولمة، إضافة إلى الهيمنة الأمريكية، هذا ما زاد من حجم التحديات للأمم المتحدة، وجعل وجودها وأداء مهامها على المحك، وأهم ما ميز تلك المرحلة هو أن الأمم المتحدة اتسم أداؤها بالازدواجية والانتقائية، والتي تجلت بوضوح في تلك القرارات الصادرة عن مجلس الأمن في تكييفه لمختلف الأزمات الدولية، هذا إضافة إلى هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية، وفرض واقعيتها على الهيئة الأممية من خلال التأثير المباشر في قرارات مجلس الأمن، وجعلها تتماشى وما يوافق مصلحتها ويحقق رغبتها، ويبقي على زعامتها للعالم.
ولقد شكلت الأزمة السورية تحديا كبيرا للإرادة الدولية، عامة والأمم المتحدة بصفة خاصة، ذلك أنه وعلى الرغم من الجهود والمساعي الدولية والأممية لحل وتسوية الأزمة، وما أعقبها من مبادرات ومؤتمرات وقرارات إلا أنها باءت بالفشل، وذلك نظرا لما شهدته الأزمة السورية من تجاذبات إقليمية ودولية، لاسيما في ظل تصلب المواقف الداخلية للأطراف المتنازعة، وفي ظل الفيتو الروسي- الصيني، وهو ما جعل الأزمة تطول وتتعقد أكثر فأكثر، وينجر عنها تداعيات داخلية وخارجية، وهو ما يجعل الأمن الإنساني في سوريا على المحك.
فمستقبل إدارة الأمم المتحدة للأزمات الدولية متوقف إلى حد بعيد بما سيكون عليه النظام الدولي من توازنات أو توافقات، وتوزيع للقوة والسلطة والنفوذ ما بين القوى الكبرى، وهو ما سيحدد ما إذا كان سيستمر على نحو يحقق السيناريو الخطي، أو إدخال تعديلات وإصلاحات على الهيئة الأممية، أم ستتجه الأمور نحو التغيير الجذري، لكن وعلى الأرجح أو على المدى المنظور لا تبدو ملامح للتغيير في بنية وهيكل النظام الدولي، وهو ما يؤسس لبقاء الأمور على حالها، وبالتالي استمرار نفس المتغيرات الرئيسة المتحكمة في مسار وصيرورة وبنية النظام الدولي، وبالتالي استمرار الأمم المتحدة في إدارة الأزمات الدولية على نفس النهج وبنفس المقاربات والآليات