Résumé:
تستهدف الدراسة مدونة تراثية هي "مقامات الزمخشري" التي تتميز بكونها خطابا تربويا وتوجيهيا جادّا، يهدف المخاطب من خلاله إلى تحقيق أهداف وغايات تواصلية، لذلك لا يصلح لها إلا الطرح التداولي منهجا، فكان العنوان ((مقامات الزمخشري من منظور اللسانيات التداولية)).
وعبّر فيها الزمخشري عن مقاصد أولية وأخرى ثانوية، تأتي على رأسها مقصدية الوعظ والإرشاد، ولهذا وظّف الأفعال الكلامية التوجيهية أو الطلبية المباشرة وغير المباشرة لتحفيز مخاطبه وتحريضه على تغيير سلوكه، ومواقفه، ومعتقداته.
وهزّ الزمخشريالنظام النحويكمّا ورتبة ونوعا بالتقديم والتأخير، والذكر والحذف، والتعريف والتنكير لتحقيق أبعاد تداولية حجاجية قادرة على الفعل في المتلقي، كما لجأ إلى تطعيم المقامات بالتخييل في الاستعارة، والكناية، والتشبيه، والمجاز المرسل لقوة تأثيرها العاطفي الذي يعدّ الممهّد إلى الإقناع العقلي، من خلال التجسيد والإمتاع والقياس والبرهنة والاستدلال والشرح لتوضيح الدلالات وتمكينها في نفس المخاطب.
ويستهدف الزمخشري قارئا ذا كفاءة ثقافية واجتماعية، وقدرات ذهنية وفكرية وعقلية عالية، حيث فتح له الصورة بتركه محالّ شاغرة فيها، لينخرط في عملية القراءة، فإذا تمكن من ملئها كان ذلك أدعى للاقتناع بدلالاتها، إذ لا يمكن لقارئ أن ينكر عقله وفكره.
ويعدّ الخطاب الوعظي أحوج الخطابات إلى الحجاج، لذلك فهو يتميز بكثافة حجاجية عالية، تؤلف بين مفاصله، وتربط بين قضاياه علاقاتٌ وروابط حجاجية يتوسلها المخاطب للتأثير في المتلقي وإقناعه بالقضايا التي تعبّر عنها المقامات.