Résumé:
تعتبر أزمة صيف1962 في الجزائر منعرج حاسم ومرحلة مظلمة ومأساوية من تاريخنا المعاصر نظرا لما شهدته من أحداث خطيرة طبعتها صفة الحساسية التاريخية، جعلت الثورة تنحرف عن مسارها الذي حدده مفجري الثورة في بيان اول نوفمبر 1954. ففي الوقت الذي كان فيه الشعب الجزائري يعبر عن فرحته بإعلان الاستقلال، وجد نفسه على حافة حرب أهلية هددتت الوحدة الترابية والشعبية لولا تعقل وحكمة بعض الزعماء.
بدأت أسباب هذه الأزمة تطفوا على السطح منذ الإعلان عن قرارات مؤتمر الصّومام 1956، وحتى ان المؤتمرات والاجتماعات السرية في الداخل والخارج في الفترة مابين (1956-1962) قد فشلت في احتواء هذه الأزمة و التخفيف من حدة الصراع بين قادة الثورة، بل عمقت من هوة الصّراع بتطور الصراع من سياسي إلى عسكري ذهب ضحيته رجالا طالما أخلصوا للثورة والوطن.
وتجدر الإشارة إلى أن الثورة في مرحلتها الأخيرة كادت أن تختنق بفعل اشتداد الأزمات الداخلية خاصة بعد الإعلان عن تأسيس هيئة الأركان العامة للجيش في جانفي 1960 اذ دخلت هذه الأخيرة في صراع حاد مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وقد تكرس الانقسام بين قيادة الثورة بعد الإفراج عن الزعماء الخمس، وعدم احترام بعضهم لمبدأ "التضامن الحكومي"، وانفجر الوضع في أثناء الاجتماع الأخير للمجلس الوطني للثورة المنعقد في طرابلس ما بين 27 ماي الى جوان 1962 حيث كانت له انعكاسات وخيمة على الوضع السياسي والأمني للجزائر بعد استرجاع السّيادة الوطنية في 5 جويلية 1962.
ورغم انّ بن بلة بتحالفه مع قيادة الأركان قد تمكن من حسم الأوضاع والتحكم في زمام الأمور، خاصة بعد نجاحه في دخول العاصمة وتثبيت المكتب السياسي، ثم انتخابه لاحقا على رأس الجمهورية الجزائرية إلى غاية انقلاب 19 جوان 1965، إلا أن سياسته في الحكم وخاصة في مرحلته الأخيرة وصفت ب"الدكاتورية" جعلت المؤسسة العسكرية بقيادة بومدين تنقلب عليه في حادثة عرفت بالتصحيح الثوري
