Résumé:
تكتسي المؤسسات الصحية أهمية خاصة في المجتمع، و من ثم تسعى المجتمعات على اختلاف نظمها السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية إلى الارتقاء بمستوى الخدمات في هذه المؤسسات. و يقع عبء نجاح هذه المؤسسات على الموارد البشرية بالأساس، مما يفرض على هذه الأخيرة ضغوطا كبيرة (فردية وتنظيمية) ، قد تؤثر على جودة الخدمات فيها.
و من هذا المنطلق جاءت دراستنا لموضوع ضغوط العمل في علاقتها بجودة الخدمات الصحية، لتميط اللثام عن واقع هذه الضغوط و أثرها على جودة الخدمات.
و في هذا المجال تم اعتماد خطة تتكون من أربعة (04) فصول، خصص الفصل الأول منها للإطار العام للدراسة، و تم فيه عرض إشكالية الدراسة واعتماد مجموعة من التساؤلات، حيث تمت صياغة التساؤل الرئيسي كما يلي:
- كيف تؤثر ضغوط العمل على جودة الخدمات الصحية؟
و تفرعت عن هذا السؤال أسئلة فرعية، هي:
- ما هي أهم مصادر ضغوط العمل التي يتعرض لها عمال المؤسسة العمومية للصحة الجوارية؟
- ما هي معايير الجودة المعتمدة في المؤسسة العمومية للصحة الجوارية؟
- كيف يتعاطى عمال المؤسسة العمومية للصحة الجوارية مع ضغوط العمل؟
كما قمنا بتقديم مجموعة من المفاهيم، أهمها مفهوم الخدمات الصحية؛ و الذي نعني به خدمات مهنية (وقائية، علاجية، إنمائية)، يقوم عليها متخصصون في المجال الطبي و شبه الطبي، يساعدهم في ذلك أسلاك صحية خاصة (أخصائيون نفسانيون و اجتماعيون)، و ذلك من أجل تحقيق رعاية صحية متكاملة. و مفهوم جودة الخدمات الصحية؛ الذي يقصد به التزام المؤسسة بالمعايير العلمية و الموضوعية التي تستجيب لتطلعات المرضى، و يتحقق بمقتضاها الرضا العام. و كذا مفهوم ضغوط العمل الذي يعني حالة يتعرض لها العامل تحول دون قيامه بعمله على الوجه الأكمل.
ثم تعرضنا إلى مجالات الدراسة بداية بالمجال المكاني؛ أين أجريت الدراسة بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية ببوشقوف ولاية قالمة، ثم المجال الزماني؛ حيث تمت الدراسة خلال ثلاث مراحل كالتالي: مرحلة الدراسة الاستطلاعية لضبط إشكالية الموضوع و الخطة الميدانية، ومرحلة جمع المراجع و المصادر وتصنيفها و تبويبها، و مرحلة الدراسة الميدانية من خلال توزيع الاستمارات،و تفريغها و جدولتها و تحليلها وتفسيرها ،ثم استخلاص النتائج. كما تعرضنا إلى المجال البشري حيث أجريت الدراسة على عينة مكونة من الأطباء، و شبه الطبيين و الأسلاك الخاصة الصحية بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بوشقوف. الذين يبلغ عددهم 536 عامل. حيث اخترنا عينة طبقية قصدية مكونة من 107 عامل، أي ما يعادل 20% من مجتمع الدراسة، موزعة على الفئات العمالية الثلاث التي سبق ذكرها كالتالي: 23 عامل من فئة الأطباء وهو ما يعادل 21.5% ، 80 عامل من فئة شبه الطبيين وهو ما يعادل 74.77% من مجتمع الدراسة، 04 عمال من فئة الأسلاك الخاصة الصحية وهو ما يعادل 3.74% من مجتمع الدراسة.
بعد هذا، تعرضنا إلى المنهج المستخدم في الدراسة و هو المنهج الوصفي التحليلي وهو الأنسب لهذا الموضوع. وقد اعتمدنا في ذلك على عدة أدوات أهمها الاستمارة، و التي قسمت إلى أربعة (04) محاور، حيث تضمن المحور الأول المتعلق بالبيانات الشخصية ستة (06) أسئلة، وتضمن المحور الثاني المتعلق بمصادر ضغوط العمل ثلاثين (30) سؤالا، و تضمن المحور الثالث المتعلق بمعايير جودة الخدمات الصحية ثلاثة عشره (13) سؤالا و تضمن المحور الرابع المتعلق بالبيانات الختامية ستة (06) أسئلة. وأخيرا تعرضنا لبعض المقاربات النظرية المفسرة لجودة الخدمات الصحية و ضغوط العمل، و الدراسات السابقة المحلية منها و العربية و الأجنبية تناولت نفس متغيرات الموضوع في بيئات مختلفة.
و في الفصل الثاني الخاص بجودة الخدمات الصحية و عناصرها تناولنا تطور الخدمات الصحية من البدايات الأولى، و أهم أنواعها و خصائصها ، و معايير و قيم الجودة التي تتبعها و مختلف العوامل المؤثرة على جودة الخدمات الصحية، و كذلك تطرقنا إلى الأساليب المتنوعة التي تستخدم لقياس و رقابة جودة الخدمات الصحية ، و إلى إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الصحية من حيث ماهيتها و مبادئها و المراحل و العوامل التي تضمن نجاح تطبيقها في المؤسسات الصحية وكذا بعض الآثار الايجابية لتجارب تطبيقها في هذه المؤسسات.
و في الفصل الثالث الخاص بضغوط العمل و محدداتها تناولنا تصنيفات ضغوط العمل و مراحلها وطرق قياسها، و مصادر الضغوط الفردية و التنظيمية و البيئية، و الانعكاسات الناتجة عنها على الفرد والمنظمة، و أساليب إدارتها، بالإضافة إلى علاقة ضغوط العمل بجودة الخدمات الصحية.
أما في الفصل الأخير الذي خصص للدراسة الميدانية، و بعد عرض بيانات هذه الدراسة و جدولتها وتحليلها، انتهينا إلى ضبط مجموعة من النتائج، أهمها:
1- يتعرض عمال المؤسسة العمومية للصحة الجوارية لضغوط عمل يغلب عليها الطابع التنظيمي .
2- تعتمد المؤسسة العمومية للصحة الجوارية على أبعاد الجودة التالية: الاستجابة، الأمان، التعاطف، وهي الأبعاد التي تستند بشكل أساسي على المورد البشري ومبادئه وقدراته وكفاءاته، بينما سجلنا غيابا للأبعاد التي يتحكم فيها الهيكل التنظيمي للمؤسسة والبعد المادي .
3- يوجد اختلاف بين عمال المؤسسة العمومية للصحة الجوارية في التعاطي مع ضغوط العمل نتيجة للفروقات الفردية والمبادئ الشخصية، ويسعى أغلبية العاملين إلى التكيف والتعايش مع ضغوط العمل.
واعتمادا على نتائج هذه الدراسة النظرية و الميدانية، قمنا بصياغة مجموعة من التوصيات والمقترحات، أهمها:
1- تصميم مباني المؤسسات الصحية بشكل مناسب.
2- تجهيز المؤسسات الصحية بالمعدات والأجهزة اللازمة ، و توفير التقنيات و الآلات الحديثة لعملية الفحص و العلاج.
3- الاهتمام بالمورد البشري من خلال التكوين و التدريب المستمر.
4- تبني مناخ تنظيمي مناسب، يراعي نشاط المؤسسات الصحية و يحقق الرضا الوظيفي للعامل.
5- الاستفادة من تجارب تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الصحية.