Résumé:
إن هذه الدراسة المتعلقة بموضوع الخدمات الاستشفائية للمرضى العقليين بالجزائر، والذي يشكل إحدى
الاهتمامات الرئيسية للباحثين في حقل الرعاية والخدمات الصحية، لما لذلك من أهمية تتعلق بحياة
الناس، باعتبار أن الصحة العقلية نعمة كبيرة من الله بها على الانسان، حي يكون فيها متمتعا بقد ارته
على أكمل وجه بعيدا عن الاضطرابات والعلل وبالتالي يصبح الفرد قادرا على خدمة نفسه ومجتمعه.
ونظرا لأحقية هذه الفئة في معاملة تليق بإنسانيتهم وكرامتهم من جهة، ومن جهة أخرى أصبحت
مساهمتهم في المجتمع ضرورية بدلا من كونهم عالة عليه. من أجل ذلك قامت المجتمعات بإنشاء
مؤسسات متخصصة (مراكز، مستشفيات) للتكفل بهذه الفئة على أكمل وجه، وخصصت لها الوسائل
والامكانيات المادية والبشرية، حيث تقوم على موظفين متخصصين في المجالات النفسية والاجتماعية
والطبية (أطباء، شبه طبيين، أخصائيين اجتماعيين، أخصائيين نفسانيين..).. ونظرا لاستفحال هذه
الظاهرة في المجتمع الجزائري نتيجة لعوامل موضوعية (الفقر، العشرية السوداء، الآفات الاجتماعية..،)
حيث أصبحت تشكل خطرا على المجتمع عامة، فقد سعت الدولة الجزائرية إلى توفير الوسائل
والامكانيات المادية والبشرية من أجل التخفيف أو الحد من تداعيات هذه الظاهرة (الإعاقة العقلية) على
الأفراد وعلى المجتمع.
ومن أجل دراسة هذا الموضوع، اعتمدنا إشكالية تستند على التساؤلات التالية:
أ/التساؤل المركزي: ما هو واقع الخدمات الصحية المقدمة للمرضى العقليين في المؤسسات الاستشفائية؟
ويندرج تحت هذا التساؤل التساؤلات الفرعية التالية:
- هل تتوفر المؤسسة الاستشفائية الجزائرية على الطاقم البشري المتخصص للتكفل بهذه الفئة؟
- هل الإمكانيات المادية والفيزيقية للمستشفى تسمح للتكفل بهذا النوع من المرضى؟
- هل ينسق المستشفى خدماته مع خدمات المحيط الخارجي؟
ومن أجل دراسة هذا الموضوع دراسة متكاملة، اعتمدنا خطة منهجية تتكون أربعة فصول نظرية.
فقد قمنا في الفصل الأول بضبط إشكالية البحث وتساؤلاتها، وكذا قمنا بتحديد أهم المفاهيم المرتبطة
بموضوعنا، والتي تمثلت في تعريف المؤسسة العمومية الاستشفائية والتي هي عبارة عن مؤسسة ذات
هيكل منظم ومنسق، وذات طابع تشخيصي وعلاجي لسكان منطقة ما. بالإضافة إلى ذلك استندنا لمفهوم
الخدمات الاستشفائية والتي عرفت على أنها "عبارة عن خدمات علاجية وتشخيصية يقدمها الفريق الطبي
الى فرد واحد أو أكثر"، وكذا قمنا بضبط مفهوم الإعاقة العقلية والتي تعرف على أنها خلل أو قصور في
المهارات العقلية، مما لا يسمح للفرد المصاب بها التأقلم مع نفسه ومع محيطه الخارجي. وكذا قمنا بذكر
أهمية الدراسة وأسبابها وأهدافها. وقد اعتمدنا المنهج الوصفي لأنه يتماشى وطبيعة موضوعنا والمتمثل في
واقع الخدمات الصحية لفئة المعاقين عقليا. أما بالنسبة لأدوات الدراسة فقد استخدما الملاحظة والمقابلة
واستمارة المقابلة. أما بالنسبة للمجال المكاني للدراسة، فقد قمنا بالدراسة الميدانية في مستشفى الأمرا
العقلية (أبو بكر الرازي) بعنابة. وقد شمت عينة الدراسة فقد تمثلت في ( )11عاملا بالمستشفى،
وبمختلف التخصصات المهنية (عينة طبقية)، أما بالنسبة للعينة الخاصة بأسر المعاقين فتم اختيارها
عشوائيا من خلال اعتماد الأسر التي تتردد على المستشفى يومي (الاثنين، الأربعاء) خلال الفترة ما بين
( 00ماي إلى 13جوان) والمقدرة بـ 37عائلة. وقد قمنا أيضا بذكر بع الدراسات السابقة التي نستدل
بها في موضوعنا، وكذا بع المقاربات النظرية والتي قد تمثلت في النظرية السلوكية، ونظرية الدور
الاجتماعي، والنظرية التفاعلية، والنظرية الجشطالتية.
وبالنسبة للفصل الثاني والذي تناولنا فيه عوامل الأمرا العقلية، والخصائص العامة لها، وكذا تطور
نظم الاهتمام به. أما الفصل الثالث والذي اشتمل تصنيفات الأمرا العقلية (حسب المدرسة الفرنسية
وقمنا فيه بذكر نماذج عن أمرا عقلية)، بالإضافة إلى أعراضها، وكذا تم التطرق لأساليب التكفل
بالمر العقلي. أما الفصل الرابع فيضم تشكل المنظومة الصحية بالجزائر في سياقها التاريخي، من
حيث تطور السياسة الصحية في الجزائر من حيث الأوضاع الاقتصادية والصحية والديمغرافية وكذا ذكر
مخططات السياسة الصحية بالجزائر، وختاما لهذا الفصل، قمنا بذكر خصائص المؤسسات الاستشفائية
الحديثة.
وفي الفصل الأخير المخصص للدراسة الميدانية قمنا بعر البيانات الميدانية وجدولتها وتبويبها وتحليلها
والتي من خلالها تم التوصل إلى النتائج التالية:
أ/ تتوفر المؤسسات الاستشفائية إلى حد كبير على الطاقم البشري المتخصص للتكفل بفئة المعاقين عقليا،
في ظل النقص الذي تعاني منه في جانب الأخصائيين الاجتماعيين.
ب/ضعف الإمكانيات المادية والفيزيقية للمؤسسة الاستشفائية والمخصصة للتكفل بالمرضى العقليين،
خاصة في مجال التجهيزات والتقنيات الحديثة
جـ/ تنسيق المستشفى لخدماته مع خدمات المحيط الخارجي، عن طريق الجمعيات والعيادات الخاصة
وأيضا مع أسر المرضى، مما يتيح للعميل مردودية جيدة في العلاج من جهة، وكذا دمجه مع مجتمعه
ومحيطه من جهة أخرى.