Résumé:
يندرج موضوع هذه المذكرة ضمن فلسفة التاريخ والحضارة ، ويعالج شكل من أشكال العلاقة بين الحضارات وهو التعارف للمفكر السعودي زكي عبد الله أحمد الميلاد الذي حمل على عاتقه ضرورة إيجاد حل للخروج بالعالم من مأزق الحروب الحضارية ، والتخلص من تلك النظرة التشاؤمية التي فسرت طبيعة العلاقة بين الحضارات على أساس الصراع والصدام ، فكان نقده موجها صوب أطروحة المفكر الأمريكي صامويل هنتنجتون التي تهدف إلى إبادة جماعية للإنسانية بدوافع عرقية ، دينية ، حضارية . كما لم يغفل فكرة حوار الحضارات للمفكر الفرنسي المسلم روجيه غارودي التي رغم إيجابيتها إلا أنها كانت موجهة لخدمة الحضارة الغربية ، وعليه يمكن القول أن زكي الميلاد انطلق في فكرة تعارف الحضارات من نقد أطروحتي الصدام والحوار الحضاري ، ليؤسس نظرية ذات مرجعية دينية بنظرة تفاؤلية هادفة إلى تفعيل سنة التعارف وهي سنة كونية مستوحاة من روح القرآن الكريم في قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍوَأُنْثَىوَجَعَلْنَاكُمْشُعُوبًاوَقَبَائِلَلِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِأَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَعَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾[الحجرات الآية13].
فنظرية التعارف بأسسها ومرتكزاتها يمكن القول أنها أطروحة ذات أبعاد إنسانية حضارية راقية ، حاول من خلالها زكي الميلاد إلغاء فكرة المركزية ورسم مستقبل العلاقة بين الحضارات على أساس العيش المشترك والسلام المشروط بقيم الحوار والتجاور والتعارف والتواصل الذي تفرضه وحدة الأصل الإنساني