Résumé:
يندرج هذا البحث الموسومﺑ " ﺇبستمولوجية البلاغة العربية من منظور النظرية اللسانية الحديثة" ضمن مشروع بحث كبير لبناء بلاغة جديدة تستوعب ﺇنجازات البلاغة العربية القديمة، وتستفيد من اجتهادات النظرية اللسانية الحديثة. ولعلاستدعاء البعد الإبستمولوجي يسمح بتفسير عدد من الإشكالات التي ارتبطت بنشأة البلاغة العربية، ويفتح المجال واسعالمساءلة الأصول وإعادة قراءتها على نحو يؤدي إلى إعادة اكتشافها وبناءها.
وانطلاقا من هذا التصور تهدف هذه الدراسة لاستنطاقمجموعة من الأسس المتصلة بالبلاغة العربية،ولأنﱠ الموضوع شاسع تصعب الإحاطة به، فلا يمكن فيهإلاﱠ الإمساك بالمفاتيح وإصابة المفاصل،تبنت الدراسة معالجةهذه القضايا من خلالتأسيسين هما: التأسيس التداولي والتأسيس اللساني للبلاغة العربية. إذ لم يكن التأسيس اللساني للبلاغة العربية تأسيسا مقصودا استهدفته دراسات اللغويين، التي لم يكن فيها الوعي بعلم البلاغة قد نضج، رغم أنﱠ مفهوم البلاغة قد تأسس تداوليا في تفكيرهم، وبعبارة أخرىالانتقال من الوعي بالخصوصيات النوعية لعلم البلاغة إلى وضع القوانين الضابطة لها.
على أنﱠالتأسيس التداولي للبلاغة العربيةيقصد به انطلاق العلماء من مجموعة من الأصول التي بلورها الدارسون من أجل ضبط الكلام، ثم استثمار هذه المعطيات قصد مقاربتها تداوليا.في هذا المسار استهدف البحثوظيفية المعيار البلاغي، ودور السياق في تأسيسه، ثم تداولية التشكيل البياني.
وأما التأسيس اللساني للبلاغة العربية، فيتناول مجموعة القواعد والقيود اللغوية التي سنها اللغويون،والتي لا يمكن إدراكها كمظهر خطابي إلا إذا أتقن المتكلم أو المستعمل الأصول التي تعتمدها البلاغة أثناء تشكل الحدث اللساني، وبالتالي تطلب الأمر معالجةمورفولوجية البنية في تأسيس أحكامها،وعرض البناء اللساني للنموذج البياني (الحدث الاستعاري).
من هذه الزاويةتسعىهذه الدراسة إلى إعادة بناء مفاهيم التراث البلاغي العربي الثري، الذي يحتاج إلى تحيين بنيته بأدوات علمية جديدة، حيث إن تجديد الآليات المعرفية والأدوات المنهجية في إعادة القراءة والفحص يستتبع بالضرورة تجديدا في الفهم والتأويل.
