مبدأ حسن النية في العقود

Abstract

ظهر مبدأ حسن النية في العقود بحلول العصر العلمي ( 130 ق م 284 م )، للتخفيف من صرامة بعض النصوص القانونية التي قد يؤدي تطبيقها حرفيًَا إلى ما يخالف روح العدالة وجوهرها، وهو من المبادئ الأساسية التي تم تكريسها سواء على مستوى القانون العام أو على مستوى القانون الخاص، نظرًَا لدوره الهام من الناحيتين النظرية والعملية، إذ هو مصدر خصب للقاعدة القانونية، وأحد الوسائل التي يستخدمها المشرع والقاضي لإدخال القاعدة الأخلاقية في القانون الوضعي، لذا لم يغفل المشرع الجزائري عن هذا المبدأ فأورد حسن النية في القانون المدني، مثل غيره من التشريعات الحديثة. ولكن رغم ذلك فإن هذا المبدأ يثير الكثير من الإشكاليات المختلفة، منها الإشكالية التي حاولنا الإجابة عنها، والتي تثار أيضًَا في الحياة العملية، وهي: هل كل ما نص عليه المشرع الجزائري في القانون المدني بخصوص مبدأ حسن النية في العقود كا ِ ف للتصدي لجميع حالات سوء النية، أم أن تحقق ذلك أمر صعب عليه نتيجة لما تشهده العقود من تطورات قد لا تسمح بالوصول إلى معرفة إن كان الشخص حسن أم سيء النية ؟. وللإجابة عن هذه الإشكالية، اعتمدنا على المنهج الوصفي التحليلي، وقسمنا البحث إلى مقدمة عامة وفصلين اثنين، يتناول الأول ماهية مبدأ حسن النية في العقود، والثاني مقتضيات مبدأ حسن النية وأثرها في العقود؛ وكل فصل منهما يشتمل على مباحث تحتوي بدورها على مطالب، ثم ختمنا بخاتمة فيها نتائج وتوصيات. من خلال هذه الدراسة، توصلنا إلى جملة من النتائج، أهمها: أو ًَ لا، أن حسن النية يجب توافره في جميع المراحل التي تمر بها العقود، وأن تطبيقاته العديدة والمتنوعة لا تخرج عن حدود مراعاة عدم الإضرار بالمصلحة المبررة المشروعة للطرف المقابل في العقد. ثانيًَا، أن التمييز بين حسن النية وسوء النية في العقود يتم من خلال معيارين متكاملين، وهما المعيار المادي والمعيار الشخصي. ثالثًَا، أن القانون فرض على كل من المتعاقدين: الالتزام بالأمانة، النزاهة، التعاون، الإعلام، الاستعلام، النصيحة، التحذير، الإنصاف، احترام الثقة المشروعة وغيرها من الالتزامات، وهي في مجملها التزامات قانونية يقتضيها حسن النية في العقود، وينتج عن الالتزام أوالإخلال بها آثارًَا قانونية.